الأحد، 25 ديسمبر 2011

حين عانقتها كموجة عشق حلت في صدري برداً وسلاما ،معشوقتي م ط ر ح

 
حين يَكونُ للمكان لُغه لا يتحدثُها إلا هو!
ونظرة عين خجلى ترتمي على صفحة خد البهاء في ذات ذات ،حين أمسكت بيدها أضمها إلى صدري وأحتضنها بعشق ،كانت م ط ر ح
هي الحضن البارد كنسمة هواء مشبعه بعبق الشذا وبرودة القلب الأبيض،،احسست بلسعة بردٍ لذيذه على خدي وأنا أمر بخطواتي على كرنيشها الفاتن،،كانت القوارب تجرح خد البحر فيتدفق منه الماء الأبيض على جانبي الشق المتكون في مشهد إيلام يكحل العيون بكل تلك الجماليات المليئه بالكثير من المترادفات والمعاني،إحتضنت دفتري الفضي ووضعت نظارتي الشمسيه على رأسي فبرودة الجو المنعشه في يوم الجمعه وفي الواحده ظهرا كانت رائعه،أجواء ساحره تعيشها مطرح،في هذه الأيام من السنه،


نظرت إليها كأول نظرة إعجاب في أول لقاء مع من أحببت بصدق ،إبتسمت لها وخلوت بنفسي إلا منها ومن هاتفي الذي سمح لي أن أشارك خلوتي مع ذلك الرجل الذي أصبح القلب وقيدني فقط بنظرة حب بلون العسل!كنت قد وصلت إلى بوابة سوق مطرح الخلفيه حيث ترى الكثيرين يتحلقوا حولها للحديث أو للركون إلى كبار السن الذين يبيعون الجبن والحدال والماهوه على بسط يفترشونها على الأرض حين تجلت أمامي كحورية نزلت لتزرع الشمس في قطعة من الأرض،هناك حيث لا تكاد تلتفت إلا وترى مشهدا ولوحة فنيه تتجلى في كل تلك القلوب وفي كل تلك الزوايا الفاتنه والعريقه ،تجد محلا لبيع الذهب وكأنما إقتطع من سوق الظلام على الجهه اليسرى وتشعر وكأن سوق مطرح يسحرك ويهمس لك فتسحب من بوابة مظلمه إلى عمقه لتشعر بلذة الزحام والمحلات المتراصه ،الناس من كل مكان ومن كل حدب يأتون إليها وإن تحدثت مع نساء الستينات عنها ترى العيون تتلألأ لما تحمله من حب لهذه القطعه من القلب التي كم حملت بين أوردتها الذكريات والطفوله والعذريه ،سوق لبيع المنتجات الظفاريه كان يرتمي على الطرف الأيسر لذات البوابه ولكنه يقع في خلفها فتحس أن صلاله تسكن مطرح أيضا حيث تعرض الثياب الظفاريه المخمليه والبخور والعود والفخاريات ،


شدتني مطرح من يدي بنسمة هواء بارده غلفة القلب فإرتعشت لها ،تسللت كما يتسلل الحب بردا وسلاما فأعلنت لها الحب والخشوع في محرابها،في قلب السوق إستداره تتفرع منها زوايا السوق الذي يبدو للزائرين كمتاهه تتزين الجدران بالنقوش التراثيه ويتزين سقف السوق بالنقوش العمانيه الأصيله،الناس يبدون بسطاء وتشعر أنك مع قلوب لم تتعرض لها أيادي المدنيه بالعبث ،فذلك الرجل يبيع القهوه العمانيه فتشتم رأحتها وصوت الفناجين يبعث بالحياه ويعزف سنفونيه أصاله لا تتكرر ،وهناك الصغار الذين تغريهم مطرح فيلتصقون بكل دميه أو لعبه يرونها وكلها بأسعار هي الأقل وهي الأروع من بين بقية الأسواق في السلطنه التي يشهد لها بوفرة العروض وتنوع البضائع،


ثم وصلت إلى بداية السوق حيث تتجلى بوابة سوق مطرح ذا ت القبه الملونه والحرفنه المعماريه ،في ذلك الممر تستطيع أن ترى محلات الفضه والمجوهرات والأحجار النادره كالزمرد والفيروز والألماس وتستطيع أن تجد خاتما يصل سعره أو يتجاوز الستة آلاف ريال عماني وهنا تجد الأجانب من كل الدنيا ينظرون لهذه المجوهرات التي صيغت أغلبها بأسلوب تراثي فني عماني متميز ،المحلات تتنوع بين الفضيات والمجوهرات والأحجار وتتداخل مع القطع الأثريه والتراثيه والأزياء ،فلا غرابه إن رأيت السائحين يرتدون الكمه العمانيه او الخنجر وإن رأيت الأجنبيات يضعن المفرق على خصلات شعرهن الذهبيه فقط هنا في مطرح تصنع المعجزات!


المقعد الخشبي الممتد على الطرف الأيمن بالقرب من مقهى صغير كم حمل هموم وأحلام وأفراح العابرين
يقال أن أحد المجانين كان يجلس عليه ويتجمهر حوله الناس ليتحدث عن السياسه والإسلام والفن والأدب والشعر ثم ينصرف الناس محملين بالفيديو والصور متهللين بأقوال الفاتح العظيم أما هو فيمضي ولم يحمل معه شيء ليتذكره ،
مكاني الأثير هو قبة سوق مطرح حيث لها درجين للصعود إليها وفيها مقاعد مبنيه ،أهرب لها في كل صباح لأقراء القرآن أو أكتب قصيده أو أكتفي بالخلوه مع نفسي والنظر إلى البحر والنوارس والسفن التي تداعب وجه البحر ،جميلة هي مطرح فاتنة وساحره،



في الجهه اليسرى مسجد الشيعه وسور اللواتيا وفي الجهه اليمنى للسوق سلسلة من المحلات والمقاهي ،ترى الوافدين والسواح يلتقطون الصور التذكاريه ففي مطرح الحياه بدون أي تعقيد ولهذا هي مطرح لكل الجمال ،يتوافد لها الناس وخصوصا لشراء حاجيات الأعراس فسوق الذهب يتربع على إمتداد السوق في الجهه اليسرى متشعبا إلى الخلف ،لازا وردي والكثر من العلامات التجاريه في عالم المجوهرات تستوطن السوق فلا بد لكل عروس عمانيه أن تأتي لتقتني الذهب من ذلك السوق ،وعلى الجهه المقابله سوق السمك الذي يعتبر أحد أسبا ب الجذب لمطرح ،إذا من يحيا في مطرح لا يحتاج أن يخرج منها فهي عالم يسكن الأرض في بوتقة تضم فئات وثقافات وأفكار وأدباء وعلماء دين من الأباضيه والسنيه والشيعيه في تناغم وتمازج ثقافي وديني وتراثي لن يكون إلا في مطرح،


حين جاء جدي الحاج محمد المحضار من اليمن إلى عمان للتجاره إختار مطرح لتكون مسقط رأسه ووطنه وأسرته الجديده ،كان الرجل العالم والرجل الرشيد والتاجر الثري في مجتمع غالبيته من البسطاء ،كون في مطرح بيت اليماني والذي لا يزال كبار السن لا يقبلون أن يتعرض أحد لذلك الرجل المهيب رحمة الله عليه والذي جاء لعمان في عهد السيد تيمور كما يقال ،يسكن في مطرح البلوش والعجم والفرس والعرب وما يميزها أن لكل فئه ثقافه وحضاره ولهجه تنصب في مصلحة مطرح إقتصاديا وثقافيا وتجاريا،التنوع هو ما جعل لمطرح كل هذه الخصوصيه ،أما أبي رحمة الله عليه فكان لابد من أن يذرف دمعة حنين كلما مر للسلام على أخوانه من الرضاعه من بيت الرحبي ،كان يضم له عمي الرحبي ويحتضنه بحراره ودموعهم تذرف ويستذكرون الطفوله ويسأل أبي عنهم فردا فردا ،مما جعلني أكبر مقدسه لهذه القبيله لدرجة أني إذا رأيت رحبي أو رحبيه أنا ديهم بأبناء العم،هم عمانين تميزوا بالجمال والأصل والفزعه البدويه وإغاثة الملهوف وإكرام الضيف وبشاشة الوجه،ملامحهم تبدوا عربيه أصيله ،وفعلا مطرح جميله حتى في الفئات التي تسكنها فالبلوش لهم جمال يمتد لأصولهم الإيرانيه أو الباكستانيه والعربيه لفئه منهم كذلك والعجم يبدون كأقمار تمشي على الأرض هكذا هم جميعا مرايا من الشفافيه والحب لهذا الوطن ولهذه المساحه من العشق التي تدعى م ط ر ح

كم كنت فرحه لعرس النوارس وهي تهبط مقبلة وجه البحر وملتهمة قطع الخبز التي يلقيها السواح في مشهد بهيج ،حيثما نظرت لابد أن تستشعر أنك في عمان في كل ملامح وجه الفاتنه مطرح فالخنجر العماني والسيفين يرصعان السفن الراسيه في قلب البحر ،والعلم العماني بألوانه الأثيره يرفرف معلنا الحب مع كل دقة قلب ورمشة عين،لابد لمن يزور مطرح ان يتنفسها عشقا وأن يتخذها معشوقة فلكم تغنى بها الشعراء وكم أنجبت من أديب وشاعر،وطن الأدباء فهي من ضمت المدرسه السعيديه ولا تزال والتي درس فيها أبي وعدد من الشعراء والمبدعين،

حيت تمضي لمسافة ليست بالطويله على إمتداد الكرنيش ترى القلعه الشامخه وتكاد لا تنظر هنا وهناك لا ترى قلعه أو برج مراقبه صغير كونها كانت ولاتزال تحتل موقع إستراتيجي وإقليمي وتاريخي ،
وترى القبب المزركشه كالفوانيس متناثره على إمتداد الكرنيش والمجسمات الفنيه على شكل دلافين وكائنات بحريه وأما على جدر الكرنيش ترى رسومات فنيه تنقل صوره حضاريه عن عمان فالملبس والتقاليد والوديان والمتاحف تظهر على شكل لوحات موقعه بإسم المكان الذي تحمله الصوره أو اللبس التقليدي التي ترتديه النساء والرجال في هذه الرسومات الرائعه مما يجعل الكرنيش يتعدى كونه مكان ترفيهي وسياحي إلى ثقافه فنيه وتاريخيه تستمتع بها أينما ذهبت فكأن عمان كلها قطع تاريخيه فنيه لا تسكن إلا مطرح،

مطرح لا تنام فتتثاءب بعد غفوتها للحظات مرسلة الشمس من رموشها لتشرق على زوايا ذلك البحر الممتد ،الجميل في تضاريسها أن الجبال الشامخه تتداخل مع البحر بشكل رائع راسمة لوحة لتلك الحوريه التي تستلقي على ضفاف الحسن متوجة بتيجان النور،

تجلى لي جبل تزين بالأضواء والنوافير وهو من أبرز معالم مطرح مع حديقة ريام ومنتزه كلبوه الذي يمتد له سحر الفتنه والجمال ،ترى باعة الفشار والآيسكريم والأسر والسواح يطوقون الجبل بين متسلقين وبين مرسلين بنظراتهم الحالمه للبحر من شرفات تميز تلك المساحه، سحر الجمال وفتنة مطرح تمتد لقلعة أخرى يميزها درج ملتف تأتي خلف الجبل وكأنها عالم آخر وكأنك تعيش الأساطير وزمن اليعاربه،
يسري الجمال والسحر إلى بوابة مسقط في نهاية المطاف حيث لابد أن يلقى عليك مغشيا من العشق ،


حفرت على أضلاعي في نهاية المطاف إسم معشوقتي م ط رح
وأغمضت عيني لأحتفظ بآخر مشهد رأيته لها وهي تقبل السحب بجبالها الشاهقه ونوارس البحر تشاركها الفرح ،بيضاء هي أنت يامن سكنتي القلب


بقلمي سوسنه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق