ثويبه
للشاعره والرسامه والأديبة العمانية المعروفه سوسن إسماعيل
قِصةُ حُبْ كُللة بِالنجاح،نظر لها وشَهَقْ شَقةً كَادت أن تَخرُجْ رُوحهُ مَعها،نَسيَّ البابَ مَفتوحاً في لحظةٍ كان لابُدْ أن تَكونَ الأقفال أشدُ ما تكون،مَوثوقةً كوِثاق حَسناءهِ الذي كَان يُقيده فلا يستطيعُ الحِراكَ أمام جَبروت خجلها وجمالها البارع،"زهره"همسَ بأُذنها ثم......،
هي صبية في الرابعة عشرة من عُمرها ،عيناها السوداء كفيلة بأن تجعل الحرب تقف بطرفةِ عين،وبأن تُشعِلَ حَرباً أكثر دَموية بإلتفاتة!
جَدها القادم من أطراف بغداد إلى عُمان كان من الأكابر ومنذ نعومة أضافرها التي زادت نعومة كُلما كَبُرتْ زهرة كان الشباب يتهافتون لخِطبتها لتكون في النهاية لإبن عمها أحمد ،كأجمل حظ في حياة ذلك الرجل العاشق الهائم بعيني زهرة إلى الرمق الأخير،
أحمد كان رجل دين وورع وكان محباً للعلم وللسفر وعلى كثرة الوجود النسائيه التي مرت عليه لم يكن إلا ذلك الرجل العصامي الذي وضع قلبه وروحه معلقه بزهرة في عُمان عاشقاً لا يكاد لينسى عينيها الكحيلتين المشبعتين بسحر بابل ،كان يكبرها بسبعة أعوام وكم كان يحملها على يديه في طُفُولتها ليحملها الليله وإلى الأبد.
ورث عن والده الهيبة والشموخ والجسد الضخم،وكان رجلاً رقيق القلب عطوفاً مولعاً بالجمال،حذرها أن لا تُسدل خصلات شعرها الأسود الطويل على وجهها الأبيض خوفاً من أن يفقد الحياة أو يغشى عليه ،كَكُل قصص الحُب الطاهره والشريفة ومع اول صرخة تعلن ميلاد أول طفل لهذه الأسرة الرائعه،"إبراهيم"على إسم جده ليكون أبا أحمد الجديد بعد عمر طويل.
مُغلفةٌ هي بالجمال ،مُغطاة بالعباءه التي تنسدل على كامل جسدها الفاتن،رقبتها الطويله كانت لافته وأنفها العالي كان يبرز من تحت خمارها المنسدل ،ككل النساء في القبيله لا يظهر منها إلا إطلالتها التي مهما غطتها فلن تستطيع أن تمنع الدنيا من أن تعشق خطوات قدميها .
مَسحورٌ هو بها مولعاً بأسرته وعاشق للحياة.
توالت الأعوام ورُزِق بِخمسةِ أبناء ،كان كثيراً ما يقول لزوجته الفاتنه "زهرة"أنتظر عروسة صغيرة أحملها لصدري وأقبلها وأشمها وأضمها لصدري لتكون أبنتي الأميرة،وكم كانت تذرف عيناه من الدمع كلما إستذكر قصة سيدنا عمر ابن الخطاب حين دفن أبنته حيه في التراب وذلك قبل إسلامه خوفاً من أن تجلب له العار!
وكم كان يَتألم عن مُروره أمام كلِ محل في أيام العيد وهو يرى فساتين الفتيات الصغيرات المزركشه والمزينه بالزهور والألوان المفرحه،مرت الأعوام عاماً تلو عام،ورزق من زهرة بثمانية صبيان كان كلٌ منهم صبياً وسيماً كأمه وذكياً ومهيباً كمثله.
مضت السنوات كمعزوفة عشق وكأجمل ما يمكن أن تهديه الحياة لأي رجل نال شرف الحياة مع معشوقته.
كان والده يقول له دائما:يا أحمد ما بالك تتوق لأن تكون لك بنت؟مالك والبنات،هي لن تحمل إسمك،ولن يقال لك يا أبا فلانة!
وكان أحمد يرد عليه في كل مره ضاحكاً مبرراً ذلك لعشقة لزوجته زهرة حيث يحلم أن يرى أبنته كأمها زهرة تتفتح في أسرته الغاليه مشبعةً بالجمال والعطر،تقول لي بابا وتوزع قُبلاتها الصغيره على وجهي ،ألبسها عقود الذهب والأساور وأزوجها لأبن أخي وأراها عروسة في فستانها الأبيض.
كانت زهرة زوجة أحمد عروساً في كل ليلة فجمالها بعد أن أكملت الأربعين عام لازال ندياً وكأنها إبنت عشرين عام،وكم كان ينتقي لها ملابسها ويغرقها بالهدايا والذهب حتى أن من يراها يضنها إبنتاً له وأختاً لأبنائها الثمانيه.
الجزء الثاني:سوسنة وردية،
صرخة لميلادة زهرةٍ صغيرة،سجد لها أحمد عشراً وذبح لها أبقاره الصفراء التي تسر الناظرين،أقيمت الإحتفالات لمقدم زهرة جديده كأجمل ثمرة حب بين أجمل عاشقين،ضمها لصدره بكل حب وهو يشم عطرها ويبتسم كمنتصر رفع الأعلام وحقق المجد،قالت له أم إبراهيم أنسميها على إسمي زهرة كما كنت تردد ؟فقال لها هي زهرة ولكني أسميتها ثويبه ،عسى الله أن يرزقني ثواب تربيتها تربية صالحه.
ترعرعت ثويبة بين إخوانها الثمانية كأجمل أخت ،وكم كان إبراهيم يزعجها بمشاكساته وقُبلاته الشقيه وسرقة الحلوى منها ،لتبداء الحديث بصوتها الملائكي حتى لا تكاد تصمت إطلاقاً فتتعلا ضحكات أمها ووالدها وأخوانها الثمانية.
كانت بيضاء بأنف عالي وعينين سوداوين وكأنما الليل قد إنسكب في عينيها سحراً ،جميلة هي كأمها تحمل الجمال العراقي في ملامحها الواضحه،
ذكية جداً ولماحه تحمل البراءه والبسمة العذبة أينما وجدت،كانت لا شك محبوبة لدى أخوانها وأعمامها ،خجولة جداً كزهرة الربيع ،مندفعة جداً كفراشة الحقل ،حلوة جدا كقطعة سكر.
حين أكملت عامها الثالث بدأت بشرتها الناعمه بالإصفرار ،كانت تبدو وكأنها لا تستطيعُ الحراك.
قلق أحمد وزهرة جدا وكانت الكارثة حين كشفت التقارير أنها مصابة بمرض خطير في دمها وهو تكسر في خلايا الدم وان لديها تشوها في القلب.
كان الهواء صامتاً في المشفى إلا من هلوسات أحمد التي كان يرددها على الأطباء:خذوا دمي وأسكبوه في جسدها الصغير ،خذوا روحي ودعوا ثويبة تعيش.
تذكر ركضها لتحضنه كلما عاد للمنزل لتقول له بابا أرفع يديك لأفتشك ،ماذا أحضرت لي ،تذكر تفتيشها الدقيق في أكياس السوبر ماركت كلما عاد باحثة عن الحلوى وعن القشطة التي كانت تعشقها.
ثويبة لن تعيش لأكثر من خمسة أعوام أخرى،هكذا يقول الطب.
بعد أن قضت العائلة أصعب أيامها ،عادت ثويبة إلى المنزل ،لم يعد البيت مليئا بالضجيج لم تعد ضحكاتها العذبة تتردد كزقزقة العصافير في أرجاء المنزل ،حسن لم يعد يربط شعرها الطويل في معصمه ليعاقبها،مازن لم يعد يعض خدها لتبداء بإلقاء الشتائم الطريفة عليه كقولها :أيها الأسد دعني وغيرها من خيالات الأطفال .
حاتم لم يعد يقول لها قصصة الغريبه قبل النوم ولم يعد يطفئ الأضواء مقلداً للوحوش ليخيفها فتختبئ في حضنه وتضربه لكل ما سببه لها من خوف.
موسى لم يعد يغني لها ويزعجها بقراءة قصائده التي ترددها خلفه بصوتها الطفولي ليمتلئ المنزل بالضحكات الحلوه،
مروان لم يعد بإستطاعته أن يرفعها إلى الأعلى وهي تصرخ مستجدية لأخوانها "أنقذوني من الذئب"
وفارس لم يعد بإستطاعته أن يهدهدها على يديه حتى تغفو ولم يعد يستطيع ان يتصل من الجامعه ليتحدث معها كما تعود في كل يوم،
أما أحمد وزهرة فلم يكونا إلا صابرين محتسبين الأجر عند الله ملازمين لها في فراشها.
كان المنزل محاطاً بالصمت لما يقارب الثلاثة أشهر ،بدأت ثويبة بالتحسن وعادت لحياتها الطبيعية وعادت الإبتسامه للمنزل ولكن كان كل شيء أكثر حذراً وأكثر حرصاً ،الأدوية باتت تغفوا بقرب سريرها الصغير عِوضاً عن دبدوبها الأبيض كلون القشطة التي تعشقها،مُنعت من بعض الوجبات التي تُحبها وباتت تاكل أشياء أخرى لا تكاد تستسيغها من الخضار وغيرها.
وفي الخامسة من عمرها لم تتمكن من الذهاب للمدرسة كبقية الفتيات،فكانت تذهب ليوم وتلازم الفراش لثلاثة أيام ،إلى أن أصبحت تتعلم في المنزل وتذهب للإختبارت فقط،
لم يكن أحد يستطيع أن يُشعرها بأنها ليست مُختلفه في جمالها ورقتها وفتنتها فقط بل مُختلفة بمرضها الذي يراودها عن نفسها والذي يتربص بها ليسلبها زهرة حياتها في أي لحظة.
كانت فتيات المدرسة يتهافتن لرؤيتها كُلما ذهبت ثويبة للمدرسة لأداء الإختبارات أو غيرها من الزيارات بين فترة وفترة.
كانت رمزاً للجمال والأناقة بقامتها الرشيقة ونظراتها الخجوله وخطواتها الواثقة،لم تكن تُرى إلا مع والدها أحمد حتى أصبحت في العاشرة من عمرها،حيثُ تحسنت صحتها وبدء الأهل ينسون حكاية مرضها،ولم تعد نوبات الحمى والإغماء تنتابها إلى في كل ستة شهور أو يزيد ،قيل لأحمد أنها لا تستطيع ممارسة حياتها العادية وأنه لا يمكنها أن تتزوج إطلاقاً ،ولكن عمرها الصغير وتنبؤات الأطباء لها بالوفاة في بضع سنين لم يجعل أي مجال لأحمد في ان يفكر في أمور الزواج وغيره،وكان يردد "ثويبة هي مصحف طاهر"بمعنى أنها قلب أبيض لم تدنسة الحياة بشوائبها.
كانت بريئه وجميلة ورائعة ،ومتفوقة في المرحلة الإعدادية حيث بدأت بالإنتظام في دراستها ومضى على التنبؤ عَهد ومضى.
أنهت ثويبة الثانوية العامة بإمتياز ،فرح لها والدها وأبتهجت أمها التي كانت لاتزال تضمها لصدرها حتى تنام وهي التي أصبحت شابة بارعة في الجمال.
بدء الناس يتقدمون لخطبتها وأحمد يرفض كما أن أخوها إبراهيم لم يتزوج بعد لإكماله الماجستير وتلاه أخوانه الذين نموا على حب العلم والإجتهاد.
في ذلك العام تم خطبة فتاة من سن ثويبة لإبراهيم وهي ابنة أحد أعمامهم فهو لابد له ان يتزوج ،كانت ثويبة سعيدة جداً ،وعدها بفستان يحمل زهور السوسن التي تعشقها وكان يداعبها بقولة أنه لا يمكنها حضور حفل الزفاف لأنها ستغيض زوجته التي تقل عن جمالها بالشيء الكثير.
كانت ثويبة تضحك لحديث إبراهيم وتقول له أنها ستكون مثله حيث ستكمل دراساتها ثم تتزوج،فيطرق رأسه ويصمت،حيث لا يمكن أن يبوح بالسر لها.
في ذلك المساء وحين مرور ثويبة سمعت والدها ووالدتها يتحدثان عنها وأنه لا يمكنها الزواج وأسترسلا في الحديث ،شعرت بالألم ولم تكن تفهم بعد معنى كلمة"زواج"ولكنها تدرك انه يعني إنتقالها من منزل والدها إلى منزل رجل غريب وهذا الذي لم تكن لتفكر فيه يوماً .
بداء الإستعداد سريعا لزواج إبراهيم وكان يستشير ثويبة في كل صغيرة وكبيره ،لجمال ذوقها وحبه الكبير لها فهو والدها أيضا الذي تبوح له بكل أسرارها،تزوج إبراهيم في منزل آخر وكون أسرة رائعه مع زوجته رحمه.
أما ثويبة فكانت تلح على والدها لإكمال دراستها الجامعية في سوريا مع بنات أعمامها حيث توجد كلية للبنات هناك وهي تعشق دراسة الجرافيك الذي لم يكن موجوداً في السلطنة في تلك الفتره.
شعر بالخوف لأنها إبنته الوحيدة ولكن بعد إلحاحها رغم عدم رغبتها في مفارقة والديها وأخوانها ولو للحظه ولكن رغبتها في إثبات قدرتها على الحياة وتميزها كان أكبر .
وافقت زهرة وأحمد أخيراً فثويبة الآن بصحة جيدة وبنات أعمامها واحد أبنائهم يدرسون في سوريا أيضا،كما أن والدها كان كثير السفر إلى سوريا لمشاغل عمله التي تتطلب منه ذلك .
كانت الدنيا لا تتسع لفرحة ثويبة سافر معها والدها وأخوانها الثمانية حتى يطمئنوا عليها فهي أختهم الصغيره المدلـله والغالية والتي كانوا لها الأخوة والآباء.
لحسن الحظ أن إحدى المشرفات كانت عمانية ،مما أثار سعادة بالغة لدى أحمد،فسلمها يدي ثويبة واوصاها بها خيراً حيث كانت هذه المشرفة وتدعى"مريم"إحدى خريجات الكلية وتم تعينها هناك لتكمل دراساتها وتعمل في نفس الوقت.باح لها أحمد بسره الذي كان يخفيه لأعوام ،فثويبة رغم جمالها وإكتمالها إلا أنها مصابة بتكسر في خلايا الدم وتشوه في القلب ،وأوصاها بها خيراً .
طلب منها أن تزور غرفتها في كل مساء وأن تكتم السر.
نقابها وكلامها بالقرآن كان كفيلاً بأن يجعل أغلظ القلوب ترق لها،كيف بأحمد ذلك الرجل الرائع المحب للجميع.
ثويبة لم تكن تستطيع إغلاق غرفتها في المنزل ولو للحظه فهي دائما محط إهتمام أمها زهرة وأخوانها ووالدها خوفاً من حدوث أي مكروه لاسمح الله،ولأول مره ثويبة تغلق الباب بالمفتاح ،إرتعشت لصوت القفل ثم إبتسمت :الآن أنا كبيرة ،أهلي في عمان وأنا في سوريا وبدأت تبكي،شعرت بأنها تشتاق لهم وهم لايزالون في سوريا معها كيف بعد أن يغادروها؟!
طرقت الباب المشرفه مريم قائلة"ثويبة والدك وأخوانك في الإستقبال دعي كل شيء وتعالي بسرعه"
أسرعت ثويبة وهي تتراقص فرحاً ونشوة بحلمها في الدراسة وقبلت يدي والدها ورأسه ووعدته أن ثويبة بنت أحمد ستكون الأولى على الدفعه في هذا العام،ودعت أخوانها الثمانية الذين تركوا قلوبهم في سوريا وعادوا لعمان لمواصلة الحياة.
كانت رسائلهم وإتصالاتهم لا تنقطع بينما والدتها كانت تلقنها في كل إتصال عدد من الأدعية وتطمئن على كل التفاصيل عن حياتها الجديده وعن دراستها.
في كل إتصال كانت ثويبة تقول لوالدتها أشتقت لحضنك يا أمي فبرد سوريا يجلدني فتبكيان سوياً شوقا وتعود زهرة لتلقن إبنهتا الأدعية وتوصيها وتطمنئن عليها لعدة مرات في ذات الإتصال.
كانت زهرة توصيها على صحتها وعلى اللجوء إلى المشرفة مريم في أي طارئ فوالدها كان قد أشاد فيها كونها فتاة ملتزمه وعمانية.
المشرفة مريم كانت هادئه جداً وتجعل من يراها ينجذب لها لإلتزامها الشديد في ذلك المجتمع الذي يعرف بالجمال والأناقة والإنفتاح،صحيح أن الكثير من الملتزمين في سوريا ولكن كفتاة في الغربة كانت تستطيع أن تفعل الكثير،ولكنها كانت متمسكة بعباتها حتى وهي تتجول داخل سكن البنات الداخلي.
الجزء الثالث :سوسنة بلون قزح،
كانت الحياة تُعلم ثويبة في كل يوم درساً جديداً ،حين كانت الفتياة يتحدثن عن الزواج والشباب لم تكن تستوعب ماتسمعه فتتهامس الفتياة أسكتوا الطفلة المدللـه هنا،كانت محبوبة وبريئة وساعدتها كُلية البنات على أن تُحافظ على كل ذلك الكم من النداوه والبراءه،احبت الجميع من معلمين ومعلمات وأحبها الجميع بأخلاقها وأسلوبها اللبق ،أصبح لديها صديقات من كل مكان وهذا ما كانت تفتقده في أيام المدرسة لظروفها الصحية الخاصة.
تَعرفة على فتاة لبنانية من أصل فلسطيني إسمها عُلا،احبتها وبدأت معها قصص طريفة ومغامرات شقية في الغربة وكانت تحتفظ لها في كل يوم بذكرى رائعه،عُلا كانت ترتدي الجينز ومتبرجه وتبدو واثقة جدا كرجل،بينما ثويبة ملتزمة وتخرج وتعود للسكن بالعباءة الخليجية حتى وهي في سوريا،هذا مالم تكن تفعله أكثر الطالبات الخليجيات هناك.
طلبت منها علا أن تخرج معها لمره واحده فقط بدون عباءه ليخدعن مجموعه من الزميلات وطبعاً دون كشف غطاء الرأس ،وافقت ثويبة بعد إلحاح فخرجت معها بتنورة زهرية وقميص بلون القشطه تتناثر عليه نقوش زهرة السوسن بلونها القرمزي الرائع مما زاد من جمال ثويبة وأظهر قوامها بشكل لافت ،فهمست لها علا في اذنها مداعبة لها"دائما الظهور الأول للدرة من صدفتها هو الظهور الأكثر بريق ،تماما كعروس ترفع عنها الطرحة في ليلة زفافها"
كل فتياة الكلية تحلقن حول ثويبة وكانت كلمات الإعجاب والإطراء تنهال عليها من كل مكان،صادف مرور إحدى معلماتها السوريات ولم تكن من المعلمات المحجبات فشجعتها على إرتداء ازياء أكثر نعومه وأخبرتها أن قوامها رائع كل الموديلات ،ما يميزها هو أنوثتها وعيونها العراقية الكحيلة التي تجعل كل من يناظرها مشدوهاً لا يستطيع التركيز أثناء الحديث معها،بدات ثويبة في التفنن في وضع المساحيق التي كانت في غنى عنها ،وأمام إلحاح الفتايات في رؤية شعرها أيضا الذي كانت تخفيه حتى في السكن ،فتحت شعرها الطويل على خجل ولأول مره عصت والدها الذي كان يمنعها من قصه او من كشفه لأحد خوفا من الحسد .كان شعرها وهو ينسدل كشلال من الليل ينسكب على صفحة خد القمر المضيء،ظل ذلك المشهد حديث الفتياة في الكلية لشهور ،نصحتها بعض الزميلات بخلع الحجاب الذي يخفي كل تلك الفتنه والجمال والرقه واما بعض الفتياة كدن يمتن من الغيض ولا يتحدثن أمامها إلا عن أحدث قصات الشهر!
بعض الفتياة كانت قلوبهن تقف كلما شرعت ثويبة لتعديل حجابها ،هو مشهد لمره واحد لم تتجرء ثويبة لعملة مرة أخرى ،فتربيتها وعاداتها تمنعها من المغامره لمرتين.
الجزء الرابع:سوسنة حمراء،
كانت ثويبة محبوبة من زميلاتها ،كثيرات هن الواتي تقدمن لطلب يدها لأخوانهن أو أحضرن والداتهن ليرينها في السكن الداخلي او أوقفن أخوانهن أمام باب الكلية ليرون جمال ثويبة الأخاذ،سوريا مليئه بالجميلات بل إن الشعب السوري يكاد يكون الأجمل في العالم العربي،ولكنها كانت جميلة بأنوثتها الخليجيه وبلهجته العمانية وبعينيها العراقيتين وبإطلالتها الفاتنه،وبذكائها وتفوقها.
زهرة كانت تموت ألماً كلما كانت تخبرها ثويبة ضاحكة عن قصص زميلاتها ورغبتهن في رؤية والدها ووالدتها لتزويجها وطلب يدها،زهرة كانت تبكي لأنها لن ترى ثويبة بثياب العرس فذلك يعني أن تزف إلى قبرها،كانت تنصحها بالتركيز على دراستها وتحاول أن لا تظهر لثويبة مدى خوفها من كلمة (زفاف).
بعد شهور من سفر ثويبة أصابتها حمة شديدة فهرع أحمد لسوريا كالمجنون ،طمئنته المشرفه مريم بأنها لن تفارقها وستنام معها في كل ليلة وانها بخير .
تحسنت صحت ثويبة وأصبحت علاقتها مع المشرفة مريم أقوى فهي أمها الآن وصديقتها في الغربة.
كانت مريم حلوة اللسان مستمعه أكثر من كونها متحدثه،بينما ثويبة تعشق الحديث جدا إذا شعرت بالراحة ،فهي على خجلها متحدثة بارعة.
قالت لها مريم مداعبة لها :ثويبة أنت جميلة جداً ،زوجك سيتوفى في يوم زواجه منك فأنت حورية !من هذا الذي يتحمل أن تقف أمامه كل هذه الأنوثه والحسن والفتنه!"
ضحكت ثويبة ثم أطرقت رأسها تفكر ،إسترجعت حديث والديها عن عدم قدرتها على الزواج ،قالت لها مريم مابالك؟ثم مسحت على كتفها بحنان وصمت بينما ثويبة خبأت رأسها تحت فراشها وتظاهرت بالنوم.
هكذا أصبحت مريم يوماً بعد يوم أقرب لثويبة حتى أخبرتها ثويبة بأنها لا تستطيع الزواج ،أخذت مريم تحدثها عن المعجزات وعن الله عزوجل وعن قدرته وعن الشفاء بالقرآن وعن الكثير من الأمور التي شدت ثويبة ،فهي لأول مره تتحدث عن هذه الأمور وهي متشوقه لتسمع كل القصص التي كانت تسردها لها مريم .
الجزء الخامس:سوسنة سوداء،
اخبرتها أن الحُب يصنع المعجزات وان الحياة والموت بيد الله وأن الطب والكون كله خاضع لأمره جل وعلا .
كان لمريم اخ وسيم بقامة طويلة وذقن رائع ،وكانت تبدو غمازه صغيرة على خده الأيسر كلما إبتسم ،كان مطرق الرأس خجولا لا يرى إلا صامتا حين يحضر بعض الحاجيات لمريم وينصرف بهدوء،
كانت الصدفة تجمعهم به كلما ذهبت ثويبة لشراء حاجيات السكن ،فثويبة الىن رفيقة المشرفة مريم مما جعل أهل ثويبة في راحة كبيرة واخبار تفوق ثويبة دراسيا كان يجعلهم يشعرون بسعادة وثقة أكبر.
في مساء الأربعاء في أحد أيام شهر سبتمبر خرجت ثويبة مع المشرفة لشراء بعض الحاجيات وصادف وجود حسين في نفس المكان وفي ذات الوقت ،مد يديه لمصافحة اخته مريم ثم ليصافح ثويبة التي لم تكن تصافح الرجال ،شعرت ثويبة أنها أحرجته برفضها مصافحته فمدت يدها تلقائياً هامسة:اعذرني أخي حسين في عُمان لم نكن نصافح الرجال.
ضحك بخجل وصافحها بأطراف يده وسحب كفه واطرق رأسه وأنصرف مودعاً لهم ،ثم إلتفت وسألهم إن كانوا بحاجة لأي مساعدة،فقالت له مريم :لا ولكن يبدو أنك لا تستطيع رفع عينيك عنا،فضحك وأنصرف مع غمزه خفيفه بعينه لأخته ،فهمتها ثويبة بأنه يحاول أن يُسكت أخته تجنباً لمزيد من الإحراج أمامها.
بعد عودتهم للسكن هذه المره طلبت مريم من ثويبة أن يناما اليوم في غرفة أخرى لأن غرفتها مليئه بالحاجيات،
شعرت ثويبة بنظرات مريم الحاده لها فقد كانت تتأملها وكأنها تكتشف عالماً غريباً فتنظر مرة إلى أناملها ومرة إلى أذنها ومرة إلى شفتيها،إلتفتة ثويبة متجاهله كل ذلك وفي الصباح لم تجد المشرفة في الغرفة،إتصلت عليها فلم ترد ،شعرت ثويبة بالقلق ثم ذهبت إلى غرفة المشرفة فوجدت الباب مفتوحاً وهاتف المشرفة النقال هناك !
سألت الطالبات عنها فلم يكن أحد يعلم عن مريم شيئا،أمسكت الهاتف وبحثت عن أي رقم يمكن أن يفيدها في الوصول إلى المشرفة والإطمئنان عليها خصوصا أن المشرفة لم تكن تبدو بخير.
وجدت رقما حفظ بإسم "أخي عاشق الجهاد حسين"وبقربها صورة مصحف كصورة رمزية للرقم .
إتصلت عليه بعد تردد،فرد عليها بصوت متثاقل وكانه إستيقظ الآن من نوم عميق،اعتذرت له وسالته عن مريم فأخبرها انها بخير ولكنها كانت مريضة فأخذها للمشفى وهي الىن بخير،وسألها إن كانت ترغب في أن يمر عليها لتذهب للتزور مريم فقالت له لا سأنتظرها في السكن إلى أن تعود ،فقط أبلغها سلامي ودعائي لها بالشفاء العاجل.
عادت مريم للسكن في ذلك المساء مرهقة جدا ،إستلقت على فراشها فتسارعت الفتياة للإطمئنان عليها واولهم ثويبة التي أسرعت لتحضنها وتقبل رأسها،في الصباح إستيقظت المشرفه فسألتها ثويبة التي لم تنم طوال الليل خوفاً من ان تحتاج لها المشرفة إن كانت بحاجه لأي شيء لتحضره لها ،فقالت لها ألم تذهبي لمحاضراتك ،ردت عليها ثويبة كيف أذهب لمحاضراتي وأنت على هذا الحال أستاذتي ،كررت مريم كلمة أستاذتي وضحكة وكأنها أحبت الكلمة،ثم هرعت لتغير ملابسها ،فسألتها ثويبة إن كانت تريد الخروج وهي لاتزال مريضه ،ردت عليها مريم بأنها بخير بفضل رعايتها لها وأنه لم يكن إلا مجرد إرهاق.ثم أمسكت مريم بيدي ثويبة بقوة وقبلت خدها وقالت لها هيا سنخرج لنشم هواءا نقياً أريد أن أشعر بالنشاط،إندهشت ثويبة لتصرفات مشرفتها الغريبة التي بدت وكأنها تتراقص في خطواتها ،لربما هي السعادة برعاية ثويبة لها وخوفها عليها،إرتدت ثويبة قميصا أزرقا واسعا بأزرار ذهبية عند نهاية العنق الضيق للقميص،وتنورة زرقاء بخطوط حمراء،خرجتا سوياً للحديث ،قالت مريم لثويبة :أريد أن أزوجك أخي حسين فهو معجب بأخلاقك وتربيتك الرائعه،فردت عليها ثويبة وهي مصدومة :ولكنك تعلمين المشكلة التي أعاني منها وكلام الأطباء.فبدات مريم بقراءة القرآن وإختارت آيات تتحدث عن قدرة الله عز وجل وبدات بسرد قصص عن فلان وفلانة ،فردت عليها ثويبة :انا لا أفكر في الزواج وإن لم أكن مريضة ،لا أريد فراق أبي وأمي،فردت عليها مريم :أنتم أثرياء سيسكن أخي معكم إن أحببتم وسيكون أخا لأخوانك الثمانية،فضحكتا سوياً .
قالت ثويبة :أخشى الموت ولا أعرف أساسيات الزواج أو ماذا يعني فقد عشت مبعدة جدا عن هذه الأمور،ولم يناقشني فيها أحد فأنا كٌنت في نظرهم دوماً طفله.
بعد حوار طويل طلبت مريم من ثويبة الإتصال بأمها زهرة وطلبت منها أن تخبرها بأن أحد زميلاتها تحدثت معها بخصوص الزواج ،وأنها تريد الزواج منه ،فضحكت ثويبه من قلبها بصوت عالي ولأول مره وقالت:أنا دوماً ما أخبر أمي هذه القصص فخطابي بالملايين وأكملت ضحكتها،قالت مريم لاتخبريها عني ولا عن أخي ولاتذكريني أمامها إطلاقا فقط لنسمع ماذا تقول أمك لأفهم الموضوع،وافقت ثويبة بعد إصرار وإتصلت على والدتها وكانت المكالمه،وبعد السلام والتحايا قالت لها ثويبة:ما رأيك يا أمي ،تقدم لي أحد إخوان زميلاتي ،حرام في كل مره أرفضة وأقول لهم لا،لم يبقى على تخرجي إلا شهور وهي فرصة لأعود لعمان بشهادة وعقد قران.
لم تتكلم الأم إطلاقاً ،فكررت ثويبة الجملة ورددتها بصوت مرتفع وهي تقول امي هل الصوت واضح ،فردت عليها والدتها زهرة وكأن صوتها يأتي من كهف بعيد :حبيبتي عودي بالشهادة اولا ثم سنفرح بك بإذن الله.
لم تستطه زهرة إخبار زوجها بما قالته لها ثويبة لأنها تعلم تماماً أنها ستجعل الأمور معقدة جدا،بكت زهرة كثيرا تلك الليلة ولم تفارقها الكوابيس،بينما ثويبة كانت سعيدة جدا لأنها لأول مرة تسمع من أمها أنها ستتزوج ،جلست تحلم بالفتسان الأبيض وبطفلها الصغير الذي لابد أن يكون إسمه احمد على إسم والدها ،تمسح على بطنها بحنان،نامت تلك الليلة وهي تبتسم.
شعرت بالحب ينبض في قلبها المرهق لأول مره ،أخذت تتذكر لمسة يديه وهو يصافحها ونظراته الخجوله ،قالت في نفسها :يبدو ساذجاً مثلي ولكن سنتعلم الحب سويا،إحتضنت مخدتها حتى الصباح.
لم تنتبه إلى أن المشرفة لم تكن موجوده في ذلك المساء معها ولم تحتاج للأدويه لتنام كعادتها.
هكذا بدأت قصة غرامية بين ثويبة وحسين الذي كان يقف في كل صباح ليراها وهي خارجة من السكن إلى الكلية ،بدأت الإتصالات وهكذا حتى صارت ثويبة تعتبره جزءاً منها،إتصلت على إخوانها للسلام عليهم وللسلام على والدها الحبيب ووالدتها الغاليه ،فمنذ ثلاثة أيام لم يتواصوا معها بسبب مشكله في الإتصالات ،تحدثت معهم فرداً فرداً ،وهم سعداء لسماع صوتها فثلاثة أيام كانت كفيلة لتجعلهم في قلق كبير.
فارس أخبرها أنه سيتزوج من أبنة عمه ريهام،فردت ثويبة عليه:ايها الخائن ألم تكن تقول أن ريهام قرد صغير متحرك!!فضحكا سويا وقال لها:تلك شقاوة الصبا ،كبرت الآن ريهام وأصبحت غوريلا كبيره ههههههههههه
ضحكا سوياً وتبادلا الحديث عن كل التفاصيل،فهو الأخ الأصغر من بين أخوانها الثمانيه وستكون هي العروس القادمه كما يجب أن يكون.
فاليوم التالي أخبرت مريم وحسين عن الخبر السعيد فضحكا وباركا زواج فارس وطلبا منها أن تعود محملة بالحلوى العمانية بعد عودتها من حضور حفل الزفاف ،ولكنهما رفضا حضور حفل الزفاف في عمان معللين ذلك بمشاغلهما،بعد قرابة الشهر عادت ثويبة إلى السلطنة والتي كانت تعود فقط خلال الثلاث سنوات المنصرمه لحضور زواجات إخوانها التي توالت ،ولأول مره شعرت بأنها تريد أن تكون زوجة وأم ،كانت تراقب إخوانها وزوجاتهم وأبناءهم وترى فارس وهو يجلس بالقرب من زوجته وينظر لها بحب بطريقة جديده جداً فكأنها ترى الدنيا لأول مره.
والد ثويبة كان سعيداً جدا لزواجات أبناءة الثمانيه خلال الثلاث سنوات،ولكنه كان يشعر بالحزن كلما قيل لثويبة أمامه "العقبى لك ياعروسة".
ثويبة كانت بارعة الجمال فجمالها الرباني وملامحها كانت تجذب لها الأنظار أكثر مما تجذب الأنظار لزوجات أخوانها،حركاتها الطفولية تجعلها غاية في الجمال وإبعادها عن العيون منذ طفولتها كان كفيلا ليشد لها العيون بقوة في كل ظهور لها ،أما أبناء أعمامها فكانوا متلهفين لعودتها ليتقدموا لها وتختار الأنسب.
كل ذلك كان مؤجلا لتخرجها ،هذا ماكان يقوله أحمد والد ثويبة.
مضى أسبوع وسافر العروسين لشهر العسل،كانت ثويبة تراقبهم في الأسبوع الأول وتسألهم بفضول والجميع كان يستغرب لإهتمامها الزائد ،حتى أنها كانت دائما ما تسال فارس كيف يمكنه أن يرى ريهام رغم بشاعتها جميلة؟
بعد أيام عادت لسوريا محملة بالهدايا لصديقاتها وللمشرفة ولحبيب القلب،لم تعد مريم تنام معها فثويبة الآن بخير ،كما أن المشرفة دائما تكون مشغولة طيلة المساء فلا يراها أحد ،فهي تذهب لتهتم بحسين فهما وحيدين في الغربة،هذا كان السبب الذي فهمته ثويبة،واما حسين فلم يعد يتحدث معها في الفترة المسائية فهو مشغول بالدراسة ويريد أن يجعلها تهتم بدروسها لأنها في السنه الأخيرة .
بعد إختبارات الفصل ماقبل الأخير لدراسة ثويبة في الكلية،دعتها مريم للعشاء إحتفالاً بنجاحها وتفوقها على دفعهتا فلم يبقى لها سوى فصل واحد وتتخرج .
ذهبت معها وكان حسين ينتظرهم في المطعم وفي طريق العوده تعطلت إحدى إطارات السياره ،فطلب منهم حسين الإنتظار في منزلة الذي يسكن فيه فهو ومريم من يتواجدون في ذلك المنزل المؤجر فقط.
نزلت ثويبة بعد إلحاح ،كان المنزل شبة فارغ إلا من مقعد بني على الزاوية اليمنى في غرفة الجلوس وطاولة خشبية عليها علبة محارم ورقية وكتب ومجلات.
إستأذنت مريم لإحضار الشاي ريثما يصلح حسين الإطار.
ماهي إلا لحظات وفقدت ثويبة كل شيء.
في الصباح الباكر أُعيدتْ ثويبة إلى السكن ،اخبرتها مريم انه يحبها ولم يقصد إيذائها وانه أخطئ ونادم على مافعله ولكن جمالها لايقاوم وأنه سيكفر عن خطئه بالزواج منها بعد تخرجها مباشرة.شعرة ثويبة أن الحب والزواج أم مؤلم جدا ولم تعد تفكر به.وكلما سألت مريم عن حسين ترد عليها بنفس الجمله:انتي كنتي مع حسين أم خالد أنا بنفسي أبحث عنه لأرتاح ولم أجده!
لم تعد ثويبة تلك الفتاة المجتهده ولم تعد تبتسم إلا نادراً ،مريم أصبحت جادة جداً ونادراً ماتتحدث مع ثويبة،بعد شهرين أُجهدت ثويبة وأحست أن عضلات قلبها ستنفجر في صدرها وأن الدم يغلي في عروقها،سقطت في إحدى ممرات الكليه ،أخذت إلى المشفى،تم الإتصال بوالدها أحمد:"مبروك إبنتك ................."
الجزء السادس:سوسنة بيضاء،
ثمانية رجال يقفون في إستقبال السكن الداخلي للبنات،مطرقين لرؤوسهم والتراب يغطي ملابسهم البيضاء،
رجل مسن بذقن أبيض يجر ثويبة من يدها
يسقط مغشياً عليه ثم لايلبث أن يقف ويسحبها ويسقط مغشياً عليه
كان الكون صامتاً إلا من إرتعاش أساور ثويبة في معصمها وهي تجر إلى مصيرها المحتوم.
قصيدة ثويبة
قَسماً بربِ البيتٍ والأحزابْ
................................لن تنزعين من الحياء حجاب
هي عِفةُ البنتِ الخجول ترفقي
................................إنَ العَفافَ مُطَهِرُ الأنساب
قُل للتي تزني أترجو راحةً
.................................أَنَاَ السعادةُ والخِتامُ عذاب
وكذاكَ يلعَنُها الإلهُ وصَفوةٌ
...................................للآل والأطهارِ والأصحاب
صٌنا على صعبِ الظروف عَفافنا
.....................................لا لم نبدل جوهراً بتراب
هذي ثويبةُ يا لعاركَ أحمدٌ
................................أبِدَسِها في الرمل كَان عِقاب
يا شيخنا إقضي لهم بزواجةٍ
...................................وأستر عليهم كُلهم عُزاب
كم عانسٍ رفضوا لخَطِبها ولم
..................................يحنوا عليها غِلظة الأعراب
ما عَلموهم في الزواجِ سعادة
................................أِّوَ يكتفوا بطعامهم وشراب
قالوا ستغدو بنتنا خدامةً
.................................ياويح نفسي خدمةٌ الأحباب
شرفٌ ومن يسعى لها وصغارها
................................إن أسعدت زوجا فخيرُ ثواب
وكذاك أوصى المصطفى لبناته
................................فأنظر إلى الزهراء بعد عذاب
يا كل أمٍ أو أبٍ متزوجٍ
..................................زَّوج بناتك وأنتقي الأقراب
عَلم بناتك منهجاً وشريعةً
...................................حتى تُجنِبَ بيتك الأغراب
فتخير العِرقَ الأصيل ويافعاً
......................................مُتديناً ومحصل الآداب
فالله كم يُغني الفقير بطرفةٍ
......................................ولكم يبددُ ثروةَ النصاب
وأستر لعِرضكَ فالمحبةُ فطرةٌ
.....................................لا تَدفعن لتُنزعَ الأثواب
وافرح لطفل قد يسمى بإسمكم
................................وأفتح لِصِهرك أوسع الأبواب
وأحيا كريماً شامخاً ومُشرفاً
....................................وكمثل طه قانتاً أواب
وإليك يا أختي النصيحةُ فأحفظي
..............................بالله سِتركٍ وأتركي الإعجاب
فالعمرُ يمضي والحياةُ قصيرةٌ
....................................فلتُعمريها لذةَ الإنجاب
وصلاةُ ربي كلها وسلامه
..............................لمُحمدٍ ما دُرسَ الإعراب
ودعاءُ قلبي يا إله برحمة
...........................فهو الغفور مسببُ الأسباب
شعر سوسن إسماعيل
رواية ثويبة من تأليف وكتابة الشاعره والرسامه العمانيه سوسن إسماعيل
حصريا لمنتديات السوسنه وهي قصه من خيال الشاعره للعبره والعضه